بسم الله الرحمن الرحيم
عــن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ( يَا مُعَاذُ ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ ،فَقَالَ : أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ : لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) رواه أبو داود (1522) قال النووي في "الأذكار" (ص/103): إسناده صحيح . وقال الحافظابن حجر في "بلوغ المرام" (ص/96): إسناده قوي. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
وفي إحدى روايات الحديث – كما عند البخاري في "الأدب المفرد" (1/239) وصححهاالألباني في "صحيح الأدب المفرد" – أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال للنبي صلى اللهعليه وسلم : ( وأنا والله أحبك)معانـــي الكلمـــات
(أخذ بيده ) كأنه عقد محبةوبيعة مودة
( والله إني لأحبك ) لامهل لابتداء وقيل للقسم وفيه أن من أحب أحدا يستحب له إظهار المحبة له
)فقال أوصيك يا معاذ لا تدعن ) إذا أردت ثبات هذه المحبةفلا تتركن
( في دبر كل صلاة ) أي عقبهاوخلفها أو في آخرها
(تقول اللهم أعني على ذكرك) من طاعة اللسان
( وشكرك)من طاعةالجنان
( وحسن عبادتك) من طاعة الأركان . قال الطيبي : ذكر الله مقدمة انشراح الصدر , وشكره وسيلة النعم المستجابة , وحسن الشهادة المطلوب منه التجرد عما يشغله عن الله تعالى . قال النووي إسناده صحيح ذكرهفي المرقاة
قال المنذري : وأخرجه النسائي ولم يذكر الوصية . من (عون المعبود شرح سنن أبي داود )
سبب اختيار معاذ دون غيره
أولاً: اختيار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لـمعاذ رضي الله عنه، لأن له صفات تؤهله لأن يكون داعية، فلو جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من أعراب بني تميم، وأسلم في ذلك اليوم، فإنالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لن يقول له: اذهب إلى اليمن وادع الناس، لأنهذا المدعو يحتاج أولاً إلى أن يتعلم ويتفقه.
وأيضاً: لم يختر النبي صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -مثلاً- خالد بن الوليد أو عمرو بن العاص ، أو غيرهم منقواد الجيوش، الذين دكوا حصون الضلال والكفر والإلحاد، لإرساله للدعوة إلى الله فياليمن ؛ لأن المسألة ليست مسألة جهاد أو سيف إنما هي مسألة علم وفقه بالدين, ومعرفةالحلال والحرام، فلا شك أن يختار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذاً رضيالله عنه، وهو أعلم الناس بالحلال والحرام، فهو من فقهاء الصحابة رضي الله عنهم،وقد نفع الله بعلمه خلقاً كثيراً في اليمن ،كما نفع به في الشام بعد عودته، وفيهاتوفي رضي الله عنه.
وقد قال له الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلام : ( يا معاذ ! إني أحبك ) وهذه الدنيا وأي إنسان كائناً من كان، لا يساوي شيئاًبالنسبة إلى قول خليل الرحمن وحبيبه ومصطفاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يامعاذ ! إني أحبك } فهذه الكلمة أكبر وسام، وأعظم شرف، حيث يكفي أن يحبه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمرء مع من أحب، وهذه تزكية من النبي صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإرساله إلى اليمن تزكية أخرى، ثم أوصاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن مجموع القصة والأحاديث الأخرى نعلم أن في الأمر وصيتين:
الأولى: وصية لـمعاذ رضي الله عنه في نفسه من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والثانية: وصية له في منهجه في الدعوة.